يدل علم مقارنة الأديان على شيوع الإيمان بالخلاص وظهور الرسول المخلص في زمن مُقبل. وظهر على عقائد القبائل الحُمر في القارّة الأمريكية أن القبائل التي تؤمن بهذه العقيدة غير قليلة في الأمريكتين، وليس في هذا عجب؛ لأن الرجاء في الخير أصل في كل الديانات، والأمل في الصلاح مادة من مواد الحياة الإنسانية يضعها الخالق في ضمير خلقه، ويفتح لهم سبيل الاجتهاد في طلب الكمال والخلاص من العيوب.
كانت أحوال النبوّة في بني إسرائيل تختلف عن غيرها من العصور؛ فمن المعهود أن الله يُرسل كل فترة من الزمن نبيًا، وأن الفترة بين (إبراهيم) و (موسى)، وبين (موسى) و (عيسى)، وبين (عيسى) و (محمد) – صلوات الله عليهم جميعًا - قد طالت حتى حُسبت بمئات السنين. ففي اعتقادنا على الدوام أن ظهور الأنبياء حادثٌ جلل لا يتكرر في كل جيل ولا يراه الإنسان في عمره مرتين.
أما في (بني إسرائيل)، كان الأمر مختلفًا؛ فإرسال الأنبياء لم يكن شيئًا نادرًا، ولم يكن بينهم فترة طويلة أو لم يكن بينهم زمن من الأساس؛ فقد يوجد منهم في العصر الواحد حوالي أربعمائة نبي. وخير ما ورد في وصف مكان الأنبياء بين بني إسرائيل: قول النبي – صلى الله عليه وسلم - : "علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل" فقد كان عمل النبي في شعب إسرائيل كعمل العالم الفقيه في الأمة الإسلامية.
ولعلّنا نصف الحالة حق وصفها عندما نقول أن القوم كانوا يبحثون عن الأنبياء، ويترقبونهم، ولا يتعجّبون من خروج النبي إليهم، وأن الإنسان الذي وكّله الله بتبليغ رسالته كان يخشى أن يتكاسل عن الانصياع للأمر؛ فكان يخرج وينذر ويبشر الناس كما أمره الله، وعلى الله بعد ذلك أن يثبت نبوته وأن يهديه، ويهدي الناس إليه كما يشاء.
كان العالم اليهودي في العصر الذي وُلد فيه السيد المسيح يشتمل على طوائف مختلفة، لكلٍ منها مذهبٌ في انتظار المسيح (المخلص) الموعود. والتعريف بهذه الطوائف ضروري؛ لتقرير مكان العقيدة الجديدة بين العقائد التي سبقتها في بيئات بني إسرائيل. نكتفي من الطوائف الدينية التي كانت معروفة آنذاك بأربعٍ منها، وهي طوائف (الصدوقيين- الفريسيين- الآسين- السامريين).
الصدوقيون هم أتباع (صدوق )، الذين تواترت الروايات بأنهم كانوا يتولون الكهانة في عهد (داوود وسليمان). وقد كانوا متشددين في إنكار البدع والتفسيرات، متمسكين بالقديم. لا يقبلون سوى أقدم الكتب التي احتوتها التوراة، وهي كتب (موسى) -عليه السلام-، ويرفضون غيرها، ولا سيّما التعديلات التي نزلت على الديانة القديمة والتي جاء بها الأنبياء الذين أرسلهم الله بعد موسى. وقد كانت الحملة على السيد المسيح بقيادة اثنين من كبارهم، ولا عجب في هذا؛ لأنهم جميعًا يحافظون على النظام القائم، ولا يستريحون إلى الثورة والانقلاب.
تقابل طائفة أخرى طائفة الصدوقيين، هي طائفة الفريسيين ، وهي أقوى من الطائفة (الصدوقية)؛ بكثرة العدد وشيوع المبادئ والآراء، وحُسن السمعة بين سواد الشعب. واسم (الفريسيين) مأخوذٌ من كلمة عبرانية تقارب كلمة (الفرز) في العربية، فهم المفروزون أو المتميزون.
كانوا يثورون على السلطان الرسمي أيًا كانت صفته. كانوا ينكرون على الكُهّان استبدادهم بالشعائر والمراسم، وينكرون في الوقت نفسه عادات الأجانب عنهم والمتشبهين بهم. كانوا هم الأقرب إلى الروحانية والتأمل والتفكير، وقد كان إنكار البعث والحياة الروحية أشد ما ينكرونه على خصومهم (الصدوقيين)؛ ومن أجل ذلك سبقوهم بمراحل إلى الخلاص وانتظار المسيح المخلّص في عالم الروح.
والطائفة الثالثة -التي تقل عن هاتين الطائفتين في العدد، وتساويهما، أو تزيد عليهما في القوة والتأثير -هي طائفة (الآسين)، ومصدر قوتهم صرامة العقيدة وتنظيم الخطة. وقد تكون دلالتهم أعظم من قوتهم؛ لأنهم طائفة من صميم الأمّة الإسرائيلية، قد استقلت بشعائرها وعبادتها وآرائها، وأوشكت أن تستقل عن (الهيكل) كله في علاقتها بالدين والقوميّة.
كان حرام على أبناء هذه الطائفة أن يملك أحدهم ثوبين، أو زوجين من النعال، أو يدخر الأمتعة والأقوات. وكانت الرهبانية غالبة عليهم، إلا من أُذن له بالزواج، ويُعفَي من قيود النسك والبتولة. وليس بينهم رئاسة ولا سيادة، والرِّق عندهم حرام، وعملهم المفضل الصناعة اليدوية والزراعة، أما التجارة فهي في مذهبهم عمل خبيث وغير لائق، وأخبث منها حمل السلاح للقتال.
أما الطائفة (السامرية) فقد كانت خليطًا من اليهود والآشوريين، وكانوا يقيمون في مملكة إسرائيل القديمة. يُقال أنهم قبائل آشورية أرسلها ملوك بابل إلى فلسطين ليسكنوها في أماكن القبائل اليهودية التي نُفيت إلى ما بين النهرين، ويُقال أنهم اختلطوا باليهود الذين بقوا في بلادهم ولم تحملهم الدولة البابلية إلى بلادها مع القبائل المأسورة، ونتج تقاربٌ في العادات والعبادات عن هذا الاختلاط، وعاد اليهود الذين كانوا قد أُرسلوا إلى بين النهرين بعد سقوط بابل؛ فأنكروا من (السامريين) شعائرهم المخالفة لهم، واتهموهم بعبادة الأوثان، ورفضوا مشاركتهم في بناء (الهيكل) الجديد؛ فعمد (السامريون ) إلى بناء هيكل خاص لهم، وكانوا يتعمّدون أن يدنسوا هيكل (بيت المقدس) ويحصروا القبلة في هيكلهم. وقد بقي (هيكل السامريين) منافسًا لهيكل بيت المقدس قرابة المائتي عام.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان