في هذا الكتاب نتعرف على تاريخ نشأة وظهور الفكر اليساري في الإسلام؛ موضحًا ما ترمي إليه مصطلحات يمين ويسار. فاليمين يعني المحافظة والتمسك بالتقاليد باعتبار أنه ليس من الممكن أن يحدث أفضل مما حدث في الماضي. أما اليسار فهي كل رغبة واستعداد نحو التحرر والتقدم. وبالتالي ما هو اليسار الإسلامي؟ من هم أبرز المفكرين الإسلاميين ممن يمكن اعتبارهم يساريين؟ متى ولد اليسار الإسلامي؟ هل انتهى اليسار الإسلامي؟ وعلام انتهى؟
مر التاريخ الإسلامي بحالات من التوتر الاجتماعي والسياسي بدءًا من مقتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين، الأمر الذي طور التساؤلات حول السلطة ومشروعيتها فكانت تلك الفتنة بين الصحابة وما أدت إليه من حروب أهلية سبب تولد البذرة الأولى "للفكر اللاهوتي" وتعددت من ثم الأطروحات بدءًا من عقيدة "الجبر" التي تبناها الأمويون والتي تتضمن تكفير من لا يؤمن بشرعيتهم للحكم، وقد نشأت عقيدة مخالفة لهم سميت بعقيدة "عدم إرادة الله للقبيح" والتي لم يرض أصحابها بحكمهم، ومع ظهور المعتزلة ظهرت عقيدة خلق الإنسان لأفعاله ومن ثم مسئوليته عنها، وهذه محاولة من المعتزلة للتوفيق بين التراث وبين اقتناعهم بضرورة إعمال العقل مما يمكّننا من وصفهم باليسار.
كما ظهرت أمام المسلمين مشكلة العلاقة بالآخر؛ فبعد الفتوحات الإسلامية وانتشار الإسلام وجدوا أنفسهم أمام قضايا تختلف عن الفكر الإسلامي فكان لا بد من إنشاء علاقة بين الدين والفلسفة وبين النبوة والحكمة وبين الشريعة والبرهان.
وتعرض العالم الإسلامي في (عصر النهضة) أثناء حكم الدولة العثمانية بعد ذلك لتدخلات أوروبية تنتهز الثورات القومية المعارضة للقتل والتخريب الذي كان يحدث من العثمانيين. ومع مرور التاريخ أدى ذلك لتطوير الأجهزة الإدارية وتجديد الحياة السياسية حيث تم إنشاء أول مجلس نيابي يقوم بمهمة السلطة التشريعية ويراقب أعمال الحكومة. وهذا يوضح النقل والتغيير من نمط الاستبداد إلى نمط الدستور والبرلمان والذي ضمن الحريات العامة والحقوق الفردية واستقلال القضاء، وأبقى الدستور على إسلامية الدولة لأن المسلمين عددهم أكبر بكثير ولم تحل مشكلة التدخل الأجنبي لأجل ذلك، فقد رأوا أنهم الضمان الوحيد لحقوق الأقليات.
في نفس فترة التنظيمات والإصلاحات العثمانية، كان محمد علي يبني مصر وقد كانت إصلاحاته ذات طابع عسكري حيث كان إنشاء جيش قوي على رأس أولوياته التي طالت أيضًا التعليم والتنظيم الإداري. وقد أثمرت البذور التي وضعها في تأسيس مصر الحديثة في حفيده "الخديوي إسماعيل باشا" الذي أراد لمصر أن تكون قطعة من أوروبا.
وبالطبع، لاقت عمليات التحديث معارضة من التقليديين كالأزهر ووصل ذلك الرفض إلى رفضهم وضع أحكام الإسلام في شكل قوانين في الدستور ووصل أيضًا إلى رفضهم لبعض العلوم الطبية.
كان من أهم أئمة هذا التيار هو جمال الدين الأفغاني؛ حيث رأى الأفغاني أن الإصلاح يبدأ بإصلاح النفوس أولا ثم الحكومة وأن الحياة النيابية في غياب الوعي تؤدي إلى ظهور الاستبداد وتقوي وجوده، كما أنه رأى أن الإنسان حيوان يجعله الدين مدنيًا وقد كان شديد الغيرة على دينه فاعتبر الفصل بين الإسلام وتاريخ المسلمين حلًا للتناقضات التي قابلها في محاولاته للإصلاح، باعتبار أن المشاكل لا يمكن أن تنبع من الإسلام ذاته بل هي مشاكل من فعل البشر فوجد أن الإسلام دين يحث على التقدم والتطور؛ وبذلك يمكن تصنيف منهج الأفغاني في اليسار؛ حيث سعى لتأكيد قيم الحرية والعدل وإن كان بطريقة سلفية فهي سلفية تحث على النهوض والتقدم.
ولم يختلف الخطاب الإصلاحي للإمام محمد عبده عن الأفغاني، بل لقد استطاع أن يحول طرحه إلى خطة عمل فكري ثقافي؛ حيث أشعل الثورات بمقالاته في الجرائد تحدث فيها عن الظلم وانتقد فيها الحكومة قائلًا بأن الحاكم وإن وجبت طاعته فإنه بشر ويخطئ ولابد من نصحه ولو جهرًا. ويمكن القول أن مشروعه الإصلاحي كان نابعًا من اهتماماته بالقضايا الاجتماعية المصرية، وزادت قناعاته بأن التغيير يأتي من الإصلاح الفكري بعد فشل الثورة العرابية ونفيه.
جاء بعد الأفغاني ومحمد عبده الكواكبي والشدياق وغيرهم ممن لم يروا تناقضًا بين الإسلام والاشتراكية؛ فقد جاء الإسلام محكمًا لقواعد الحرية، وقد أظهر للوجود حكومة الخلفاء الراشدين التي قضت بالتساوي بينهم وبين الفقراء، وقد كان أحمد شوقي ينتمي إلى هذا التيار الإحيائي التقدمي السلفي.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان