يحكي الكتاب أحداث انقلاب عام ١٩٥٣ الذي فجّرتْه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في إيران؛ ذلك الانقلاب الذي أطاح برئيس الوزراء المنتخب، وبدأ خمسة وعشرين عامًا من الحكم الوحشي تحت قيادة (شاه بَهْلَوي )، وظهرت - نتيجةً لذلك - حركة الأصولية الإسلامية في الشرق الأوسط، وحركة معاداة الولايات المتحدة. وقد خرج الكتاب بأسلوب روائي شيّق، يشبه قصص الرعب، وقد اختارته صحيفة (واشنطن بوست ) و (إيكونوميست ) كأفضل كتاب للعام، وهو كتاب لا غنى عنه لكل من يريد فهم طبيعة الغزو الأمريكي للعراق.
في عام 1953 م نظمت كل من إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية عملية سرّية تسمى (أياكس ) من أجل الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء الديمقراطي (محمد مصدّق ) ، بسبب الخطر الذي كان يشكّله هذا الرجل وحكومته على المصالح البريطانية في إيران، أهم هذه المصالح هو حصول بريطانيا على امتياز استخراج النفط الإيراني والحصول عليه بحرّيّة تامة واستغلاله بشكلٍ كاملٍ؛ حيث تمكّن (مصدّق ) من طرد الشركة البريطانية واستعادة الاحتياطي الهائل لإيران من النفط. ومن بين كل الأحداث والأخطار التي حدثت في القرن العشرين، بدءًا من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ثم الحرب على العراق، يبقى التدخل الحادث في إيران عام 1953 من وجهة نظر الجميع هو أهم نقطة تحوّل فاصلة في تاريخ هذا القرن.
كانت إيران - فيما قبل هذا الانقلاب - تنظر إلى الولايات المتحدة على أنها حليفة لها تسعى لمساعدة إيران في تحقيق الديمقراطية التي لم تستطع إيران الحصول عليها على مدار تاريخها الطويل، ولم تكن الولايات المتحدة عدوًّا محتمَلًا بالنسبة لإيران في يوم من الأيام؛ فالإيرانيون يعلمون أنه عندما قامت الولايات المتحدة كان عُمْر دولتهم يزيد على ألفي عام، بينما كانت تنظر إيران إلى إنجلترا على أنها قوة استعمارية ظالمة يجب مقاومتها والتخلص من سيطرتها، خصوصًا مع تاريخ إنجلترا الطويل في استعمار واستغلال العديد من البلدان وليس إيران وحسب.
وعلى الرغم من أن ذلك الهجوم كان في الأساس لصالح إنجلترا التي كانت تسعى إلى الحفاظ على استغلال النفط الإيراني بحرّيّة كاملة، فقد كان لا بد لها أن تستعين بالولايات المتحدة إذا أرادت استعادة تلك السيطرة مرة أخرى. ولأن الولايات المتحدة لم تكن مقتنعة بالتدخّل في أحداث معقّدة كهذه لأجل مصلحة إنجلترا فقط؛ فقد لجأت إنجلترا لمحاولة إقناع الولايات المتحدة بأن الميول الشيوعية لـ (محمد مصدّق ) وحزب (تودة ) أصبحت تسيطر على إيران، وبمرور الوقت والأحداث أصبحت العداوة بين إيران والولايات المتحدة - والتي كانت مُفْتَعَلة في بدايتها - أشد قوة، كما أصبح لها العديد من الأسباب الجديدة.
بعد قيام (مصدّق ) بتأميم النفط الإيراني وإلغاء الامتياز الذي كانت تتمتع به الشركة البريطانية في استخراجه واستغلاله، ظل الإنجليز لفترة من الزمن يفكرون في إرسال جيش مسلح لاستعادة حقول البترول ومعامل التكرير، ولكنهم تخلوا عن تلك الفكرة عندما رفض الرئيس الأمريكي (هاري ترومان ) دعمها. ولم تكن إنجلترا - التي تعوّدت على تحريك أعضاء الحكومة الإيرانية ورؤساء وزرائها كما تشاء وكما يتوافق مع مصالحها - أن تقبل برئيس وزراء جديد غير حليف لها، بل يعلن العداوة الكاملة لها، ويعمل ضد مصالحها الخاصة في إيران.
من هنا فقد سعى الإنجليز إلى تنظيم انقلاب لخلع (مصدّق ) من منصبه، وقد كانت محاولة الانقلاب الأولى في أكتوبر من عام 1952 ، ولكن عَلِم (مصدّق ) بتآمرهم؛ فأغلق السفارة البريطانية في إيران. وقد اضطر جميع الدبلوماسيين البريطانيين في إيران - وحتى العملاء السريين - إلى الرحيل من إيران. كان على إنجلترا أن تطلب المساعدة من الولايات المتحدة في ذلك الوقت، لكن الرئيس (ترومان ) لم يكن متحمّسًا للتدخل في هذا الشأن.
وقد تغير موقف الولايات المتحدة بعد انتخاب الرئيس (داويت إيزنهاور ) ، وبعد الانتخابات بأيام قليلة وصل (كريستوفر مونتاجيو وودهاوس ) أحد كبار عملاء المخابرات البريطانية إلى واشنطن كي يلتقي بكبار مسئولي المخابرات المركزية ووزارة الخارجية الأمريكية، ويحاول إقناعهم بخطّته. ويقول (وودهاس ) : " لم أكن أرغب في أن اُُتَّهَم بمحاولة استغلال الأمريكيين لمصلحة البريطانيين؛ لذا فقد قررتُ أن أؤكد على الخطر الشيوعي الذي تشكّله إيران، بدلاً من التأكيد على حاجتنا لاستعادة السيطرة على صناعة النفط ".
وبعد زيارة (وودهاوس ) لواشنطن قام الأَخَوان (جون فوستر داليس ) وزير الخارجية الأمريكية، و (ألان داليس ) مدير المخابرات المركزية، بإخبار وزير الخارجية ومدير المخابرات المركزية البريطانيَّيْن بأنهما على استعداد للإطاحة بحكومة (مصدّق ) ، وقد رشحا لهذه المهمة (كيرمت روزفلت ) حفيد الرئيس الأمريكي (ثيودور روزفلت ) الذي كان يرأس إدارة الشرق الأدنى وآسيا في المخابرات الأمريكية في ذلك الوقت. ومن بيروت، ثم صحراء روسيا والعراق، وصل (روزفلت ) إلى إيران باسم مستعار هو (جيمس لوكريدج ) وخطة جهنّمية ستغيّر مجرى التاريخ الإيراني الحديث بأكمله.
جاء (روزفلت ) إلى إيران وتحت تصرّفه بعض العملاء الإيرانيين أصحاب الخبرة والذكاء، الذين قضوا أعوامًا في بناء شبكة سرّية من السياسيين وضباط الجيش ورجال الدين والصحفيين وعصابات الشوارع المؤيدين لهم، وقد كانت المخابرات الأمريكية تدفع لهؤلاء العملاء عشرات الآلاف من الدولارات شهريًا، وعند هذه اللحظة كانت أهم خطوة في الخطة هي القيام بحملة نَقْد وتشويه ضد (مصدق ) يشترك فيها الملالي والسياسيون والمعلقون على الأخبار التابعون للمخابرات الأمريكية، وقد رفض (مصدّق ) أن يُسْكِت تلك الأصوات، حتى وإن كانت ستؤذيه شخصيًّا؛ لأنه كان يؤمن بالديمقراطية.
وقد ارتفعت تلك الحملة النفسية إلى مستويات عالية؛ حيث وصل هجوم الصحافة على (مصدّق ) إلى مستويات غير مسبوقة من العنف؛ فقد اتُّهِم في المقالات الصحفية بالميول الشيوعية والتخطيط ضد مصلحة العرش والشاه، واتُّهم أيضًا بأنه من أصول يهودية وأنه يتعاطف سرًا مع البريطانيين. ولم يكن (مصدّق ) يعلم أن المخابرات الأمريكية هي التي تروِّج لهذا النقد، وأن مَنْ كتبه هم محترفو الدعاية في واشنطن. ويقول (ريتشارد كوتام ) أحد محترفي الدعاية: "كان أي مقال أكتبه يُنْشَر في اليوم التالي مباشرة في الصحف الإيرانية، وهو ما كان يعطيني شعورًا بالقوة؛ فقد رتّبوا للأمر بحيث يظهر (مصدّق ) في صورة المتآمر الشيوعي المتعصّب ".
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان